بدريات

مدونة رأي شخصي ... أو جنون ... قد تجدوني لا عقلانية ... أكتب بالفصحى والعامية كنت أكتب لأبدع... والآن أكتب لأرتاح

أخبار المدونة

الثلاثاء، 12 يونيو 2018

رواية أخبرتني

 ١




في يوم مغيم مليء برائحة المطر القادم من السماء ، والشوارع مليئة بالمارة ، هذا يصيح لبيع ما لدية من خضار وفاكهة ، وذاك ينهر ابنه لكي لا يمد يده على شيء ليس له ، و امرأة تمشي على استحياء خوفاً من أن تصطدم برجل ، كنت أمشي مع هؤلاء الناس ومئات الأفكار تموج في رأسي ، إنني لا أدري ماذا أفعل ؟

...


أشعر بأني لا أعرف نفسي ، يزيد ألمي كلما رأيتُ إنسان ناجح ويعرف ما هدفه في الحياة ، حقيقة أني أفرح لهم، فأجل إني أفعل، ولكن ماذا عن نفسي ؟!



***



كأني أبرة ضائعة في كومة قش يبحث عنها صاحبها ولا يجدها ، أتعرفون ما معنى أن لا تعرف نفسك وأنك تبحث عنها ولا تجدها ، وتشعر بأنك ستصاب بالجنون لكثرة التفكير؟!


هناك أناس انشغلوا بالحديث عن بعضهم البعض ، أما أنا فقد انشغلت في البحث عن نفسي ، لدرجة البحث عنها في الكتب وفي أي شيء حتى في البرامج الحوارية والبرامج الثقافية التي تعرض على ناشونال وعلى أي شيء قد يخطر على بالي لكي أفهمها 


ما هو تاريخ اليوم؟ آه إنه ١٣ – ٦ – ٢٠١٨

والعجيب أني لم أعثر على نفسي حتى هذه اللحظة!


***




٢




وبينما أنا أمشي في إحدى الطرق رأيتُ نفسي في إحدى مرايا سيارة أحدهم ، وراحت تخبرني بأشياء لم أتوقع سماعها ..




هيه ! أنتِ يا من تنظرين إليّ ، لستِ بحاجة إلى البحث عن نفسكِ في أماكن لا تمت لكِ بصلة ، يكفي فقط ألا تكذبي على نفسكِ .

أنظري إليّ جيدًا واسمعي بحرص ، حسنًا ؟


أنتِ لستِ نسخة عن أحد ، أنتِ لم تخلقي لتكوني نسخة لأحد ، حتى وإن كان هناك شبه في التصرفات والشكل ، أنتِ في النهاية متفردة تحتاجي فقط لتعرفي من أنتِ ؟!..


لا تهتمي لمن يقول : بأنه لا يوجد لديكِ إحساس وأنك متبلدة المشاعر ، وأنكِ لا مبالية بأحد ، ربما يوجد حقيقة فيما يقولون ، ولكن لابد أن تعرفي أنه لا يوجد إنسان بلا مشاعر ، فقط يوجد اختلاف لدى كل إنسان في اظهارها ...


ألم تسمعي المقولة التي تقول : بأنه لا يوجد إنسان جيد في كل شيء ، كما أنه لا يوجد إنسان سيء في كل شيء ، أنتِ فقط لم تعرفي ما تجيدينه حقًا حتى اللحظة ، وعليكِ ان تبحثي عن نفسك يا عزيزتي .


حتى وإن رأيتِ كل شيء يتناقض ، ما تعلمتيه في المدرسة ليس هو ما رأيتِ في المجتمع ، حتى وإن قالوا وفعلوا عكس ما يقولون ، لا تضلِ وإن ضاقت بكِ الأشياء والسبل ولم تفهمي شيئًا ، استفتِ قلبكِ فهو لن يكذب عليكِ مطلقًا ، فإذا كان الشيء خاطئًا يجعلكِ تشعرين بعدم الراحة تجاه فعله ...


إياكِ أن تسعي وراء رضا الناس فأنتِ لن تحصلي عليه مهما فعلتِ ، هل تعرفني ما هو الأسوأ وراء السعي في رضا الناس ؟!  أنكِ ستفقدين نفسكِ وتصبحين متصنعة لا أكثر ولا أقل .


لماذا تقولين لي هذه الأشياء ؟! _ 

أو ترين أني قد فعلتها حقًا ؟!!  _ 

 _ أجل ، فعلتها وتنكرين هذا أو تحاولين تجاهله وتتجاهلين ما تريدين وتفعلين ما قد يرضي الناس ..


حسنًا ربما قد رضوا عنكِ في بعض الأشياء واستحسنوا فعلكِ لها وربما قد أثنوا عليكِ ، ولكن هل تشعرين أنتِ بالرضا عن نفسكِ ؟!!!

أتشعرين بالسعادة بفعلكِ لأشياء ترضي الناس فقط وتجعلكِ حزينة ؟!


 _ لماذا قد أكون حزينة ؟ وكيف عرفتي أني لا أريد فعلها ؟ لم تفتحي قلبي لتري أي شيء فيه ؟


 _ أنا أعلم فقط هذا ، أنا ذاتك التي أنكرتها ، قولي الحقيقة أنتِ لا تستطيعين الكذب عليّ أو تتجاهليني ، ما أنا إلا أنتِ ، الشي الذي بداخلكِ تحاولين أن تخفيه .!

أنتِ أفضل مما يظنون لستِ سيئة لترضي أحد ! حتى السيئون لا يفعلون ما تفعلين ؟


 _ لا تضحكيني ، لماذا لا يفعلون ما أفعل ؟! هم سيئون كما تقولين لأنهم يتجاهلون ضميرهم وذاتهم ويفعلون ما تمليه عليهم الظروف .


إذًا ! تريدين أن تكوني مثلهم ؟! _ 


***


 ٣




بينما أنا أسير لم أنتبه كثيرًا إلا وأنا في المنزل ، لقد أنهكني حواري مع نفسي .

لقد انتبهتُ اليوم إلى شجرة النخلة التي توجد في الجزء الجنوبي في فناء المنزل ، وفي الحقيقة لا أعلم من الذي قد زرعها ، منذ صغري وهي في هذا المنزل ، ربما زرعها جدي أو والده ، يبدو لي أنها توجد على ما يربو من ثلاثة أجيال من عائلتنا .


إنها تقف شامخة مهما صفعتها الرياح والأعاصير ، ولكني قد رأيتُ أنه لم يتبقى منها إلا القليل من قلبها وستموت قريبًا ، لقد حزنتُ لأجلها ، ودون رغبةً مني بدأتُ أقارن حياتها بحياتي ..



ويا للعجب بدأتُ أحدثها فعلًا ...


إن حياتكِ يا عزيزتي النخلة أفضل من حياتي بآلاف المرات ، فأنتِ تقضين حياتكِ في مكان واحد ولكن عطائكِ يمتد لأماكن لن يخطر لكِ أن خيركِ سيصلُ إليها يومًا ما .

يستفيدُ منكِ الطير وغيره أيضًا ، كما أنكِ تمدين ظلك لأي أحد دون اعتبار إن كان غنيًا أو فقيرًا ، وتمنحين ثماركِ أيضًا  للإنس والحيوان دون اعتبار .


بينما أنا أستطيع الحركة ولكني لا أستطيع ، أشعر بأني مقيدة بقيود وضعها أناس ورحلوا عن هذه الحياة ، ولكن ما وضعوه يقيدني ، أشعر بأني سجينة في هذا المكان ، أشعر بأن حياتي لا هدف ولا معنى ولا قيمة لها ، أشعر بأن طموحي وتطلعاتي وأمنياتي قُتلوا ها هُنا ...


- ليس هم من قيدوكِ ولكن هي نفسكِ ، خذي الجيد من ما وضعوه ولكن لا تجعلي الأشياء التي قلبكِ لا يرضى عنها تقيدكِ ، ثم أن التجول في كل مكان لا يعني أيضًا أنكِ ستحققين أحلامكِ ؛ لأنكِ فقط تتجولين حول العالم ، هناك أناس حققوا أحلامهم وهم حبيسي السجن ، وهناك أناس رسالتهم وما آمنوا به أنتشر في أرجاء العالم وهم لم ينتقلوا لأماكن كثيرة، ثم أنكِ لستِ شجرة إن لم يعجبك مكان ما تحركي لا تبقي مكانك


أستمعِ لهذه الأبيات الجميلة قالها أحدهم ولا أدري لمن هي:


أنت المُلام

في ترك نفسك للظلام

أنت المُلام

لا تنتظر 

من أي شخصٍ.. إهتمام

لا تنهزم

غير سلوك الإنهزام 

هيا انطلق

إياك أن ترخي اللجام



 يا لكِ من نخلة مثقفة تعرف الكثير- 


-  أنتِ من قالت أن الناس يستريحوا تحت ظلي ، وهم أيضًا يتحدثوا إن كان مع بعضهم أو لوحدهم ثم أنهم يقرأون الكتب كذلك ؟ تستطيعي القول بأني مستمعة جيدة .


- حديثي معكِ أفضل من حديثي مع نفسي ، شكرًا لاستماعكِ 


***





الخاتمة

شكرًا لك من وصل إلى هنا

بدرية  






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الصفحات