بسم الله الرحمن الرحيم
رحلة ريال ٥
لم يطل إنتظار
الريال طويلًا في أرض الخريف تلك حتى ألتقطه أحد المارة وكان رجلًا يعيش في
الشوارع ويلتقط كل ما يعتقد أنه سيعود بالنفع عليه، فقال الريال:
_ سحقًا! والآن
سأُحبس في محفظة أخرى
ولكن لم يحدث
ما أعتقده الريال، فأخذه الرجل وسار قليلًا ونظر مليًا فيه ولم يجد أنه جنية فرمى
به
طار الريال مرة
أخرى بسبب الرياح وسقط على الحدود بين مدينتين مصريتين
_ هل هذه
النهاية؟! هل ستبقى هذه الرياح تتقاذفني من مكان إلى آخر!
لفته الرياح
قليلًا في الجو وسألته:
_ أليس هذا
أفضل من سجن المحفظة؟! ألا تشعر بالحرية؟!
أخذ الريال
يفكر فيما قالته، وراح يقول لنفسه:
_ هذه الرياح
تستطيع نقلي إلى السعودية لو أرادت! ولكن ماذا سأفعل هناك؟! هل أذهب لفاطمة التي
كتبت عليّ دون أذني؟! ومن سيضمن لي بأنها لن تشتري بي مرة أخرى؟! وسأعيش في نفس
الدائرة، أم أبقى هكذا حتى تقرر هذه الرياح أنها قد ملت مني وترميني في البحر؟!
وهناك سيكون هلاكي الأبدي!
نظرت له الرياح
وقالت:
_ ما بكَ؟! قل
لي أين تريد أن أوصلك وسأفعل؟!
_ المشكلة أني
لا أعلم بعد أين أريد أن أذهب
ثم أكمل لنفسه
قائلًا:
_ أليس لكل شيء
نهاية؟! مما أنا خائف؟! من الانتهاء في البحر والتمزق أم أن أصبح متنقلًا من مكان
إلى آخر حتى يقرر أحدهم أنه لا جدوى مني!
أم أقرر مصيري
بنفسي؟ ولكن ما هو هذا المصير؟!
قال للريح:
_ أرجوكِ دعيني
أبقى هكذا لبرهة حتى أعرف ماذا أريد، هل هذا ممكن؟!
_ أجل يا
عزيزي، فأنت خفيف ولن يضرني حملك! خذ ما تريده من الوقت
قال مخاطبًا
الريح:
_ هل هناك
نهاية جميلة؟! لو كنتي مكاني ماذا كنتي ستفعلين؟!
_لا أدري، ماذا
كنت سأفعل فأنا خلقت لغاية! أوليس جميعنا هكذا!
خلقنا لغاية؟!
وعندما تنتهي هذه الغاية ننتهي! أما بالنسبة للنهايات الجميلة فأكيد أنها موجودة،
ألسنا نعرف الأشياء بضدها وطالما أنك سألت عن نهاية جميلة؛ فهذا يعني أنك بالفعل
تؤمن بالنهايات الحزينة وطالما أنها موجودة في عقلك فيعني هذا أن الأخرى موجودة
كان الريال
مستلقي ما بين الأرض والسماء مثل بساط الريح على الريح وأخذ يفكر أكثر:
_ هل الغاية
التي خلقت لها أن يتم تداولي هكذا من يد لأخرى ومن محفظة لأخرى؟! ولكن ما الذي
يزعجني؟! لقد كنت أعلم هذا، هل حان وقت العودة للديار التي يتم تداولي فيها؟! هل أعود أم أجعل الريح تنقلني
لفترة معها وأعيش معها وأتعرف على ما تفعله وإذا مللت أعود لفاطمة؟! ولكن هل ستفعل
الريح هذا لي؟! ولم ستفعله إن لم يكن ينفعها بشيء؟! ولكنها كانت عكس كل توقعاتي
عنها فلقد عرضت عليّ إيصالي إلى حيث أريد وأنا الذي ظننت أنها ستلقيني في البحر!
نظرت الريح له
وقالت وكأنها تعلم ما الذي كان يفكر فيه:
_ لن تعلم جواب
الأسئلة التي لم تطرحها سوى على نفسك! ما رأيك بالمحاولة؟!
تردد الريال
قليلًا وقال في وجل:
_ هل من الممكن
أن تأخذيني معكِ في رحلاتكِ وإذا لم تعودي تحتملين وجودي تعيديني إلى فاطمة؟
_ على الرحب
والسعة
ثم أردفت:
_ ولكن قد تمل
أنت من رحلاتي قبل أن أصبح لا أحتملك
سعد الريال
بالطريق الذي قرره هو ولم يقرر أحد آخر له هذا، مثلما كان يحدث معه من قبل
وشعر للمرة
الأولى بأنه المتحكم بمصيره
وسرح بفكره في المغامرات التي قد تحدث له وبدأ
بتخيل الأشياء الجيدة والسيئة ولكنه راح يقوي من عزيمة نفسه قائلًا لها
_ مهما سيكون ما
سأجده سأكون سعيدًا مهما حدث فهذا هو الطريق الذي أخترته بنفسي وعليّ ألا أشكو من
قراري سأكون مستعدًا لمواجهة أيًا ما سيحدث سواء كان سيء أو جيد
قالت الريح:
_ لم ننطلق بعد
ولكن يبدو أنك قد انطلقت بالفعل!
ضحك الريال ثم
أخذت الريح تلفه وارتفعت به عاليًا ثم بدأت رحلتهما
النهاية
الخاتمة
شكرًا لكل من
قرأ هذه الرواية، لقد بدأت كمزحة قلتها لأخوتيّ على العشاء ثم حولتها فيما بعد
لحقيقة
سعيدة بأني
قررت هذا، أتمنى أن يعيش الجميع حياة تكون بسبب قراراتهم هم وليس الآخرين
حقًا إن فرحة
الإنجاز عظيمة
دمتم بود وفي أمان
الله ورعايته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق