بدريات

مدونة رأي شخصي ... أو جنون ... قد تجدوني لا عقلانية ... أكتب بالفصحى والعامية كنت أكتب لأبدع... والآن أكتب لأرتاح

أخبار المدونة

الأربعاء، 30 مارس 2022

رحلة ريال ٣

 

مصر عراقة ماضي والتقاء حاضر، دائمًا الأشياء التي تمتزج بشيئين في الوقت ذاته يصعب وصفها، بالخصوص تلك التي تمتزج بضديّن

ترى جمال هذا الشيء فيها، ولكنك لا تستطيع وصفه للآخرين  

***

 

نظرت الجنيهات إلى الريال وقلنّ: لماذا لا تستمتع؟ أنت الآن في دولة غير الدولة المعتاد عليها ثم أنه لن تؤخذ إلى أي مكان آخر! هنا أنت لا يوجد لك قيمة لن يشتري بك أحد فأنت هنا كتذكار فقط

بعد ضجر طال قليلًا أجاب الريال: ألا ترينّ أو ترون لا أعرف كيف أخاطبكم لماذا لا يتحدث كل منكم على حده وليس كجماعة أو تؤام لأعرف أولًا ماذا أقول؟

_ اعتبرنا تؤام إذًا! وقل لم لا تستمتع؟!

_ انظرنّ إلى هذه الجهة مني ألا ترينّ أنها ستمزق، أخاف أن ينسى هذا الأحمق ويضعني في الغسالة مع ملابسه، كما تعلمنّ فأنا من سنة ٢٠١٩

ولم يصدر مني بعد الإنتاج الجديد الذي صدرت منه الخمسة اللعينة التي لم تعد تمزق حتى لو غسلت!

_ آه إذًا أنت تشعر بالغيرة لأنك متهالك؟  ثم أنك أزعجتنا بشكلك الذي يكاد يمزق يا إلهي! انسى شكلك وامرح بما تبقى لك من وقت وانسى هذا الرجل الذي لم يدعك وشأنك لتجدد أو تلك الفتاة التي كتبت عليك! يبدو لنا أنه لم يتبقى لك الكثير

_ لم شعرت وكأنكنّ تسخرنّ مني ؟

_ لأننا كذلك يا عزيزي لأنك منذ الجزء الثاني وأنت تتحدث عن شكلك

ثم انفجرت الجنيهات بالضحك مما جعل الريال يشعر بالحرج

 

أخذ الريال يدور ويدور بسبب دوران عمر الذي لم يتوقف للحظة، وهو من مكان إلى مكان آخر ليكمل ما تبقى له من أوراق رسمية تسمح له بالدراسة هنا

_أشعر بالاختناق من هذه المحفظة المتهالكة وهذا الإنسان المزعج الذي راح يمشي ويمشي ألا يرتاح أبدًا

 

بدأت الشمس بالتلاشي وبدأ ظهور أول شفق معلنًا قرب بداية أول ظلام لليل لعمر في مصر، وبدأ الجميع بالعودة لمنازلهم، ومنهم عمر الذي كان في طريقه إلى الشقة القاطن فيها مع عائلة مصرية مكونة من أب وطفلين أيتام الأم

أوى عمر إلى فراشه ونام من فوره؛ بسبب التعب الذي أضناه

تسلل أحد الأطفال الذي يبلغ ثلاثة سنوات، هو ابنًا للرجل صاحب الشقة الذي أجر إحدى غرفها لعمر؛ ليختبئ من أخيه بسبب اللعبة التي يلعبانها وراح يبحث في الغرفة عندما دخلها ونسي أنه يلعب فضول الأطفال في اكتشاف الأشياء راح يدفعه ليكتشف كل شيء، ذهب إلى الخزنة وراح يفتشها بدون أن يصدر أي صوت فوجد بها علبة شوكولاتة فأخذها، لم يعلم أن أباه سيوبخه لاحقًا عندما يكتشف ما فعله

راح يحبو على رجليه ويديه مقتربًا من رأس عمر، عندما أصبح قريبًا منه راح ينظر إلى محفظته متسائلًا ما هذا الشيء؟ وأخذها ثم فتحها ووجد فيها بعض الصور العائلية وعرف أنها مثل تلك التي لدى والده وراح يقول في رأسه الصغير:

_ إنها تذكار عائلي مثل التي لدى والدي لأمي؛ أنه يحتفظ به ليتذكر أهله، مثل أبي الذي يريد تذكر أمي

ثم راح يفتش ويفتش ورأى الجنيهات المصرية فعرفها على الفور؛ فهو قد رأى والده يستخدمها كثيرًا وممن هم حوله أيضًا، عندما رأى الريال بجانبها في الجهة الأخرى من المحفظة، راح يقول لنفسه متسائلًا:

_ إنها تشبه العملات الورقية التي يستخدمها والدي، لكنها مختلفة ما هي إذًا؟!

استخرج الطفل الريال من المحفظة وكان ذاهبًا ليسأل أخاه الذي يكبره بسنتين؛ فهو يراه أكبر خبرة منه

كان الطفل يقبض على الريال بقوة بيديه، ضجر الريال من الوضع الذي هو به وراح يقول في نفسه:

_ الآن سأمزق بحق، لم أظن قط أن نهايتي على يد طفل؟

****

تسلل الطفل وخرج من غرفة عمر، أخذ الممر المؤدي إلى غرفة أخاه، ولكنه لم يجده، لقد نسي أنهما كانا يلعبان وأنه لن يجد أخاه بالغرفة، ثم أخذ إحدى السلالم التي تؤدي للخروج من المبنى كاملًا، بحث عن أخاه ولم يجده ورأى بائع الأيس كريم وذهب خلفه ليشتري منه، خاطب البائع بلهجة طفولية ترق لها القلب:

_ أيها العم! بكم هذه؟

كان يشير إلى آيس كريم بالشوكولاتة، أجابه البائع:

_ بجنية، ولكن أين والدك؟

_ إنه هناك في عمله في الورشة المجاورة

مد الطفل الريال للبائع، لكن البائع استغرب وقال له:

_ نحن لا نتعامل بهذه العملة! إنها أكثر مما أستحق، من أين لك بها؟

_ إنها للعم عمر، أخذتها من محفظته وهو نائم

_ أيها الطفل الجميل! هذه تسمى سرقة لا يجوز أن تأخذ أشياء من الآخرين دون إذنهم، ولكن خذ هذا الآيس كريم هدية مني شرط أن ترجع ما أخذته للعم عمر، حسنًا؟ هل اتفقنا؟

رد الطفل بابتسامة طفولية ممتزجة ببهجة وسرور:

_ حسنًا! شكرًا لك يا عم

 

رجع الطفل للمبنى وأعاد الريال مكانه

عندما عاد الريال لمكانه في المحفظة حكى مغامرته وهو بيد الطفل وخوفه من التلاشي والضياع للجنيهات


نهاية الجزء الثالث، دمتم بخير: بدرية

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الصفحات